أصفاد العشق والهوس

اصفاد العشق والهوس(الفصل التاسع والثلاثون والاخير)

اصفاد العشق والهوس(الفصل التاسع والثلاثون والاخير)

الفصل الأخير ..

فاتنتي…
ماذا لو أخبرتكِ…؟
أنني ما زلتُ في انتظاركِ،
كما ينتظر السجينُ قبس الحرية في آخر النفق…
أنني أتنفّسكِ شوقًا، وأهيم بكِ عشقًا،
فما ذنبي إن كنتُ قد أدمَنتكِ حدّ الارتجاف؟

سبحان من أسكنكِ دمي دون استئذان،
ومن وهبكِ مفاتيح لهفتي،
حتى صرتِ وحدكِ من تُحرك خيوط الحنين في صدري.
رتّلتُ لكِ الحب نبضًا لا ينتهي…
كأنّي أكتبكِ بتراتيل لا تُقال إلا في الخلود.

لا أعلم كم من الدروب بيننا،
كم من المدن والمسافات والأقدار،
لكنّي أعلم — يقينًا —
أنكِ أقرب إليّ من نبضة…
وأن ما بيننا لا يُقاس بالخطى،
بل بخفقة قلبٍ… لا يعرف سواكِ.

فيكِ جزءٌ مني…
يجرّني إليكِ خاضعًا رغمّي،
ويُعيدني إليكِ عاشقًا كما خُلقتُ أول مرة.

فيكِ جزءٌ مني…
يعشق جنونكِ كما لو أنه قدري،
ويموت فيكِ شوقًا، واحتراقًا، وهوىً لا يُطفأ.

فيكِ جزءٌ مني…
يشبهني حدّ الذوبان،
ويُشعرني أنّكِ…
أنا.


أشار ايهم إليهم بحسم.. وسحبوا بعنف الي احد الغرف.. وحنين تتلو وتنحب بجنون.. مرت لحظات من اصعب اللحظات المريره والحالكه علي حنين.. وتلك الوحوش المفترسة ينهشوا جسدها بلا رحمه
لكن قبل فوات الاوان فتحه ايهم الباب وهدر بعنف: كفايه كده !!

تراجعت كل منهما بسرعه ..وحاولت حنين النهوض بجسد يأن من الالم.. ويرتجف برعب تمدد بدخل كل خليه في جسدها ..

وهدر ايهم بنبره خاليه من اي رحمه :  حبيت أحسسك بواحد من عشر من الاحساس البشع اللي حسيته لمراتي.. قدامك يومين يا دكتوره مورهمش تالت ومشفش وشك في مصر تاني ..سلام يا حنون!!

اومات برأسها بقوه وهي تسقط علي الأرض  بنحيب حاد حارق …

………….عوده …………

عاد ايهم من شروده علي صوت إنهاء الاجتماع وخروج الأطباء..
اقتربت منه وتين وطوقت عنقه بذراعيها وهمسة: مالك يا قلبي سرحان من بدري؟!

ضحك بمرح وهمس: فيكي طبعا.. افتكرت قميص النوم اللي كنت لابسها امبارح !!

رفعت حاجبها بدهشة وقالت: هو ده وقته يا ايهم تفكر في الحاجات دي ..
قبض علي ذراعها وسحبها اليه واجلسها علي قدمه وهمس : هو في احلي من كده ؟!

التهم شفتيها بجوع وعشق وضمها بحضنه بقوه لفت ذراعيها حول عنقه وبادلته القبله بجنون وكل جسدها يرتجف بنعومه فصل قبلته وهمس : يلا نروح !!
ضحكت بخفوت وردت : والشغل؟

دفعها أمامه بسرعه ونهض بخطوات واسعه وسحبها وغمغم : يلا يابت بلا شغل بلا كلام فاضي ..
…………….

في سيارة إيهم
مسكت يده وقالت : حبيبي
رد الآخر: عيونه
نظرت له بتركيز شديد وقالت : انت مخبي عليا حاجه ؟!

نظر لها بدهشة وقال: ليه بتقولي كده؟؟
رفعت منكبيه وغمغمت: حاسه انك مخبي عني حاجه!!

نظر لها وهمسة لنفسه : هي حاجه واحده يا وتين.. بس مش هينفع اقولها لك ابدا يا روحي ..عشان متخفيش مني !!

شرد يتذكر السائق ماهر الذي ضرب وتين بالسياره
……فلاش باك ………

عندما جلبها وغمغم ايهم ببرود : انت خبطها بالعربيه وانا كمان هخبطك ونبقي خالصين !!

صاح السائق برعب : ابوس ايدك يا باشا أنا عندي عيال عايز اربيها …

صعد ايهم السياره بغضب وهدر: وهي كانت حامل يا بن * !!

تراجع ايهم بسرعه وهرول السائق برعب يفتت قلبه واندفع ايهم وصدمه بالسياره بقوه سقط أرضا غارقا في دمائه …

ترجل ايهم من السياره وهتف الي أحد رجاله : مات !!

اقترب أحدهم وجس نبضه وغمغم : لسه يا باشا ..
اوما برأسه وقال: ارمو قدام اي مستشفى وهو ونصيبه بقا !!

…..عوده …….

لكزته وتين وهتفت : ايه روحت فين؟! أهو سرحانك ده اللي بيخوفني !!!

مسك يدها وقبلها وتمتم: لا متخفيش مش مخبي عنك اي حاجه يا قلبي …

قطبت حاجبيها بالم ووضعت يدها علي بطنها وشهقت بالم : اااه …

أوقف ايهم السياره وحدق بها بعينين مزعورتين محتقنه وغمغم : مالك يا روحي!

هزت راسها وهمسة: عندي مغص شديد اووي …
وضع يده على بطنها وهتف : طيب نرجع علي المستشفى !!

هزت راسها بالنفي وغمغمت: لا روحني أنا عارفه المغص ده !

قطب حاجبه بدهشه وغمغم ؛ يعني ايه ؟!
عضت شفتها بخجل وهمسة: شكلها كده مغص البريود!

رفع حاجبه وتمتم: اه ..طيب هروحك حاضر بس اهدي …

انطلق بالسياره بسرعه ..وبعد مرور وقت توقف أمام الفيلا ..وترجل من السياره ودار حول السياره وفتح الباب وسحبها اليه…

وحملها بين ذراعيه ..ودلف بها الي الداخل ثم الاعلي حتي وصل الي المرحاض …

انزلها برفق ومسح دموعها بطرف يده وهمس:  اهدي هناخد شور دافئ كده وهتبقي كويسه !!

سحب ملابسها وملابسه وساعدها في الدخول الي كابينه الاستحمام .. وفتح الماء الدافئ ودلك جسدها بنعومه وراحه وهمس : معلش يا قلبي هي متعبه بس مفيده !!
اومات برأسها وهمسة: اه …

دلك جسدها بنعومه بالماء الدافئ حتي شعرت باسترخاء كامل في جسدها… واغلق الماء وسحب المنشفه ولف جسدها ..وأخرجها من الكبينه وحملها بين ذراعيه.. وسار بها الي غرفه الملابس وانزلها برفق وقال بحنو : البسي وهعملك حاجه سخنه يا قلبي ..

اومات برأسها وتحرك بعد أن زرع قبله عميقه علي شفتيها ..وارتدي بنطال بيتي وترك جزعه العلوي عاريا …

وتحرك الي الاسفل وبدأت وتين بتبديل ملابسها وخرجت الي الفراش …

بعد قليل عاد ايهم ومعه مشروب ساخن.. وكيس ماء ساخن ملفوف بمنشفة ناعمة.. وصحن صغيرا يحتوي على قطع الشوكولاتة والمكسرات وبعض الفواكه المجففة…

كانت وتين دلفت الي الفراش.. تتكور على نفسها تحت الغطاء الثقيل ..تحاول كتم أنين الألم الذي يعصف بجسدها….

حرارة خفيفة تغمرها، معدتها تتلوى، ورأسها يضغط كأنه محاط بسحابة ثقيلة من الإرهاق…

اقترب من الفراش وجلس بجانبها، ثم لمس جبينها برفق وهمس :حاسة بدوخة !!

هزت رأسها ببطء زفر أنفاسه وأمسكها بيدها وسحبها بلطف ليجعلها تستلقي على ظهرها، رغم اعتراضها بصوت ضعيف: أيهم… مش قادر!!

همس بحنو : ولا كلمة، خليكي ساكتة، واعملي اللي أقولك عليه..

لم يمنحها فرصة للرد، رفع الغطاء قليلا، ووضع كيس الماء الساخن برفق على بطنها، ثم ضغط عليه بخفة، وكأنه يعرف بالضبط أين يكون الألم….

شهقت قليلًا من الحرارة، لكنه همس مطمئنًا:
معلش هيهدي المغص ..استحمليه شوية!!

ثم رفع رأسها قليلا، ووضع وسادة إضافية تحتها، وجلب لها الكوب الدافئ، مد يده خلف رقبتها ليساعدها على الشرب وهمس بحنو : اشربي، ده يريحك شوية ..

ارتشفت منه ببطء، والدفء بدأ يتسلل لجسدها، شعرت براحة خفيفة بعد أن أنهت المشروب، وضعه على الطاولة، ثم أمسك بالصحن الصغير، وأخذ قطعة شوكولاتة، وقربها من شفتيها وهمس :افتحي بوك
نظرت له بتعب همست: مش قادرة آكل ..

رفع حاجبه بنظرة تحذيرية مصطنع :وتين بطلي دلع وافتحي بوك..

استسلمت، فتحت فمها قليلا فأطعمها بنفسه، وظل يراقبها حتى تأكل نصف القطعة على الأقل.

مدد نفسه بجانبها سحبها إليه برفق، ضمها إلى صدره، وجعلها وضعت رأسها فوق قلبه، حيث نبضه كان إيقاعًا هادئًا يحيطها بالأمان…

مرر أصابعه في شعرها بحركات بطيئة، كأنما يحاول تهدئتها، ثم همس بصوته الخفيض العميق: حاسس بيكي، ولو كنت أقدر أخد الألم عنك، كنت عملت كده!!

كلماته لامست قلبها أكثر من أي شيء آخر ورفعت يدها ومسحت علي صدره الصخري بضعف وهمسة بخفوت وهي تغمض عينيها: أنت أحسن دواء لوجعي!!

ابتسم ابتسامة صغيرة، ضغط قبلة طويلة فوق رأسها، ثم همس: ونويت أبقى دواكي طول العمر ..

اغلق الاضاء وسحب الغطاء عليهم وغمغم : تصبحي ع خير يا قلبي !

  • وانت من اهل الخير يا حبيبي ..
    …………………
    بعد مرور شهر

كأن العاصفة مرت، ألقت بكل ما فيها، ثم رحلت، مخلفة وراءها سماء أكثر صفاء، أرضا أكثر خصوبة للحب.

زاد لم تعد كما كانت… بل عادت أقوى، أبهى، أصدق.
استعادت صحتها كما يستعيد القلب نبضه بعد توقف، لكن ما استردته لم يكن الجسد فحسب، بل استردت صوتها العالي، ضحكتها التي تملأ المكان قبل أن تصل، ذلك الجنون الطفولي الذي يأسر، ويوربك، ويحيي جلال

كانت تمر بجلال فتربكه، تمر به كريح دافئة، تنزع عن صدره ثقل الأيام، وتزرع فيه الفوضى التي يعشقها…

جلال لم يعد يرى في العالم كله شيئًا خارج مدارها. بات عاشقًا بها، حتى صمته صار باسمها، وحتى غضبه تكسره عيناها.
العشق بينهما لم يهدأ، لم يتعب، بل ازداد اشتعالًا، كحرب لا تريد الانتهاء، كجنون لا يشفى، كخطيئة لا تكفر.

أما أيهم وتين… فهما الحكاية التي لم تكتب في كتاب، ولم تروى في أسطورة، لأن ما بينهما لا يشبه شيئًا.
أيهم لم يعد يرى في وتين امرأة، بل حياة كاملة.

يطوقها بذراعيه كمن يحمي كنزا، يراقب أنفاسها كأنها وطنه، لا يتركها للحظة …عشقه المتملك، الهادئ احيانا، الشرس احيانًا آخر، يجعلها تتنفس من خلاله، وتذوب فيه برغبة لا تعرف التراجع.

وهي كانت تتعلق به كغريق أدرك أخيرا أنه نجا.
تعشق  غيرته، تحب صمته حين يشتاق، وصوته حين يناديها، تذوب به حين يغرقها بنظراته، وتستسلم له لا ضعفا، بل إيمانًا أنه وحده الأمان، وحده الوطن.

وفي ركن آخر من هذا الكون، هناك عشق لا يقل عمقًا…
ميرا وسامح، لا يشعلان الدنيا، لكنهما يشعلان بعضهما بلطف نادر.
هو يغار كمن يملك كنزًا يخشى عليه من الضوء، ويحنو كمن يربي قلبا للمرة الأولى.
كان يعلمها الحياة كما تعلم الأم طفلها النطق… بصبر، وبابتسامة، وذراعين مفتوحتين دومًا.

وميرا، تفتح له أبوابها واحدة تلو الأخرى… لا لأنها اعتادت، بل لأنها شعرت أخيرًا أن أحدًا لا يريد أن يأخذ منها، بل أن يضيف إليها.

ثلاث حكايات، بثلاث لغات من العشق…
لكن ما يجمعها، هو أن القلوب وجدت أخيرًا من يفهم وجعها، ويشعل نورها، ويختارها كل يوم، رغم كل شيء.
……………………………

صباحا ف فيلا إيهم أبو الفضل 

تسلل ضوء الصباح بخفة من خلال ستائر الغرفة الحريرية، يداعب وجهها بأنامل من نور. تململت وتين في الفراش بكسل ناعم، قبل أن تفتح عينيها ببطء، تتلمس الفراغ إلى جوارها.

لم يكن هناك أحد.

امتدت يدها بتثاقل نحو الهاتف، طلبت رقمه.لكن لا رد.
عبست، وضغطت على زر الإغلاق ثم نهضت، تتجه نحو الحمام بخطى متثاقلة.

وبعد برهة، خرجت تشعر بوهن غريب في جسدها، وكأن الحياة تثقل كاهلها. نزلت درجات السلم ببطء وهي تفرك جبينها بألم، ثم جلست على الأريكة ونادت بتعب:عبير !

جاءها الصوت من المطبخ، دافئا معتادا: تحت أمرك يا هانم.

رفعت وتين عينيها نحوها وقالت: اعمليلي قهوة… عندي صداع فظيع.

لكن العاملة اقتربت منها بخوف وهمسة بتوسل : أبوس إيدك يا ستي، بلاش تقطعي عيشي. أنا بربي يتامى!
رمشت وتين بدهشة وهمسة: ليه بتقولي كده يا عبير؟

أومأت الخادمة برأسها وأجابت: الدكتور إيهم موصيني   القهوة ممنوع ، وعدي عليا الصبح وقالي علي الفطار اللي اعمله النهارده وانا حضرته ابوس ايدك يا بنتي تفطري زي ما قال وبلاش قهوه !

أغمضت وتين عينيها بتعب وهمهمت: طيب يا عبير  هاتي الفطار….

تحركت عبير إلى المطبخ. وما هي إلا لحظات حتى انفتح باب الفيلا بقوة، وظهر إيهم، وجهه عابس، عينيه ساكنتان كأنهما محيطان لا قرار لهما.

نهضت وتين فورا، واستقبلته بشوق واحتضان حنون، أرادت أن تذيب قلقه في صدرها، لكن جسده كان صلبا… باردًا.
همست بدهشة وهي تحتضنه:مالك يا حبيبي؟ في إيه؟

أبعدها قليلا عن صدره، ونظر إليها بعينين يملأهما الحنان والتعب: حسين كلمني الصبح… ورحتله.

نظرت إليه في محاولة لقراءة ما وراء كلماته: ليه؟ حصل حاجة؟

هز رأسه وقال بصوت أجوف: سلوى اتجننت… حاولت تنتحر. خدت معايا أكتر من دكتور نفساني. كلهم قالوا لازم تتحجز فورا… حالتها خطر على نفسها، وعلى كل اللي حواليها.

شهقت وتين بصدمة، ودموعها انزلقت على وجنتيها دون إرادة: للدرجادي؟!

رد بثقل وحزن: وأكتر مش عارف إذا كانت اتجننت ولا فوقت على طريقتها… بس حالتها مش طبيعيه.

وما إن أنهى كلماته، حتى وضعت وتين يدها على جبينها وهمسة بصوت ضعيف: إيهم… الحقني…
ثم ارتخت بين ذراعيه، تسقط كزهرة فقدت نسغها

صرخ وهو يحتضنها بقوة وفزع : وتين! فيكي إيه؟! وتين، ردي عليا!
حملها بذعر بين ذراعيه، وخرج بها مسرعا نحو السيارة. وضعها بحذر، ثم انطلق وكأن الشارع له وحده. لم ير إشارات المرور، ولا المارة… لم يكن أمام عينيه سوى وجهها الشاحب، وجسدها المتهاوي.

وصل إلى المستشفى في دقائق لم يستوعبها عقله. فتح باب السيارة، احتضن جسدها مجددًا، وركض بها نحو الطوارئ.

وضعها علي سرير الطوارئ وصاح بغضب: عايز تحاليل وفحوصات كاملة، فورًا!

في اللحظة نفسها، دلفت زاد وهتفت هتف بقلق: إيهم! في إيه؟ مالها وتين؟

أجابه، وهو يتنفس بلهاث ممزوج بالفزع:مش عارف… كانت بتتكلم عادي، وفجأة وقعت! وشها بهت كأن الدم انسحب منه فجأه !!

اقتربت زاد، وبدأت بفحصها، ثم صاحت: نادوا الدكتورة صفاء بسرعة!

وضع جهاز الضغط، ثم هتف بحدة: ضغطها واطي جدًا!

نظر الي الممرضة وصاح بغضب :استعجلي التحاليل حالًا!
وركضت للخارج، في اللحظة نفسها التي دخلت فيها د. صفاء وهتفت هتف: في إيه!!

أشارت لها زاد وقالت بسرعة: محتاجين نعمل سونار يا دكتوره !!

نظر إيهم وقال بدهشة: سونار؟ لأ… بلاش تعشميني واتصدم !

همست زاد بلهفة: كل الأعراض بتقول كده… اصبر ثواني.

اقتربت دكتوره صفاء، وبدأت بالسونار. لحظات مرت كأنها دهر، ثم ظهرت على الشاشة نقطتان صغيرتان متجاورتان.

جحظت عينا إيهم، ورمش بتردد، ثم همس بدهشة:
ده… ده حقيقي يا دكتورة؟

ضحكت زاد، وهتفت: مش قلتلك؟ حامل… وفي تؤام كمان!

شهق إيهم، ثم انفجر ضاحكا بفرحه هستيري، وقال:يعني جوه وتين روح … وحته مني؟!

أومأت صفاء وقالت مازحة:لا يا دكتور، جوها روحين وحتتين منك !!

ركض إيهم نحو وتين يحاول إيقاظها، حتى تحركت وتأنت بألم، فتلقف وجهها بالقبلات، وهمس وهو يضحك:
مبروك يا صغنن.. مبروك يا وتين قلبي.

فتحت عينيها بتثاقل، لمعت الدموع في عينيها، وضعت يدها على صدره وقالت:إيهم؟

ضمها إلى صدره بقوة وقال: “يا وتين قلب إيهم… يا عمره كله.

همسة وهي تقبض على سترته بضعف: إيه اللي حصل؟

مرر يده على بطنها بلطف وقال مبتسما: في هنا… اتنين صغنن  أنا كان عندي واحد، دلوقتي بقيت أبو تلاتة!

شهقت بسعادة، والدموع تتلألأ في عينيها: بجد يا إيهم؟! أنا كنت قربت أفقد الأمل…

ضمها بقوة وهمس في أذنها: ربنا كبير يا قلبي… أكبر من يأسك كله.

ظهرت زاد تقف قرب السرير، تبتسم وقالت بمزاح عفوي: اوع يا عم إيهم، اهدى وسيبني أبارك لصحبتي!

تنحى إيهم قليلا وهو يضحك: أهو يا اختي، أنا مش عارف إيه اللي جابك النهارده… دا فرحك بكرة! اتهدي بقى!

ضمت زاد وتين بقوة وقالت: مبروك يا نونو!
ثم نظرت إلي ايهم بحنق وغمغم: وانت مالك! جايه اخلص كام حاجه متعلقه.. عشان محدش يزعجني في شهر العسل يا خفيف !!

ضحك ايهم بتهكم وقال: شهر عسل ايه؟! دانتي تلاقيكي حامل يابت!! نامي اعملك سونار …

هزت راسها بالنفي وغمغمت: لا يا اخويا جلال بس اللي يعملي سونار !!
ضحكت وتين وقالت بحب: يلهوي عليكم ..الله يبارك فيكي يا قلبي… عقبالك.

أومأت زاد بسعادة: أنا فرحانة أوي… ربنا يقومك بالسلامة يا قلبي.

ضحكت وتين، وقال إيهم وهو يرفع راسه للسماء: يارب.

ضحكت صفاء وقالت وهي تغمز: بقى يا دكتور مش عارف أعراض الحمل؟! دي واضحة زي الشمس!

ضم إيهم وتين إلى صدره وقال مبتسما: أنا بنسى كل حاجة لما وتين تتعب… حتى الطب بنساه.

همست وتين، ووجهها غارق في صدره: وأنا بنسى روحي… في حضنك.

………………………….
ف اليوم التالي

وقفت زاد أمام المرآة، تتلألأ بفستانها الأبيض الساحر كضوء القمر حين يلامس سطح البحر في ليلة صافية..
انساب القماش بنعومة حول جسدها، يغازل حركتها بخفة، وقد زينه بريق ناعم يخطف الأبصار. كانت اللحظة أشبه بحلم مكتمل، لكنها لم تكتمل إلا حين اقتربت وتين بخطى هادئة من خلفها.

ابتسمت وتين برقة وهي تضع فراشة بيضاء صغيرة فوق خصلات شعر زاد، ثم انحنت تطبع قبلة حنونة على رأسها، وهمسة بصوت مبلل بالدموع: أحلى عروسة شوفتها في حياتي يا زاد.

ضحكت زاد بخجل وهي تنظر إلى عينيها عبر المرآة، وغمغمت بصدق:مفيش أحلى منك يا نونو…
ثم استدارت فجأة، وفتحت ذراعيها لتعانقها بشوق يغزل من الماضي حنينا، وهمسة بنبرة يغلفها الحنين: كان نفسي أنا اللي ألبسك فستانك يوم فرحك… أفرحلك… وأفرح معاكي.

شدتها وتين إلى صدرها، وكأنها تضم قطعة من روحها، وهمسة بنبض قلبها: وأنا كمان… يومي مكنش يوم من غيرك، بس فرحتي كملت بيكي… يا قلبي.
اقتربت غرام وضمتهم معا وهتفت : اخواتي يا ناس.. العيال كبرت واتجوز مش مصدقه !!

ضحكت زاد ووتين وقالت: حبيبتي يا غرام ..انتي الكبيره العاقله يعني ؟!
ضحكت وتين وقالت: فاكره يوم فرحها كنت بتعيط طول الوقت !!
لكزتها غرام وهتفت: كنتي مؤدبه ايه جرالك يا نونو ؟!
ضحكت زاد بخفه وقالت: من عاشر القوم يا قلبي …

مرت لحظة صمت ناعم، تهادت فيها المشاعر بين الاصدقاء، ثم انفتح باب الغرفة لتظهر ميرا، وقد اكتمل حضورها بفستانها الناعم الذي احتضن قوامها برقة.

دارت حول نفسها بخفة، وقالت بعفوية: هاا… حلو يا بنات ؟!

اقتربوا منها بخفة، ثم ضموها معا كأن القلوب الثلاثة اجتمعت في حضن واحد، وهتفوا بصوت واحد:
تجنني يا قلبي!

مررت زاد يدها برقة فوق ثنيات فستان ميرا، ثم لمعت عيناها بخبث أنيق وقالت: يلهوي! الواد سامح هيغيب عن الوعي النهارده!

قهقهت وتين وهي ترفع حاجبيها بمزاح: ومن حقه! ما هو معا الجمال ده كله.
لكزته غرام وهتفت بمرح : الله يكون في عونك يا قلبي!

ضحكت ميرا بخجل جميل، وغطت وجهها بيديها قائلة:
كفاية بنات… أنا أخجل!

وانفجرن جميعًا في ضحكة دافئة، تكسو اللحظة بهالة من المحبة الأنثوية الطاغية… في ذلك اليوم، لم تكن زاد وحدها العروس… كانت الصداقة هي العروس الحقيقية، تلبس من الوفاء أثواب لا تخيطها إلا الأرواح المتآلفة.

ضحك الجميع، وعمت الغرفة بهجة أنثوية صادقة، قبل أن يفتح الباب فجأة، ويظهر والد جلال بابتسامة واسعة وصوت حنون: مبروك يا قمرات!

ثم دخل حمزة بخطوات واسعة، ودموعه تسابق كلماته وهو يقترب من زاد: مبروك يا زاد القلوب… يا أحلى أخت في الدنيا!

اندفعت زاد نحوه وضمته، ودموعها تتلألأ على وجنتيها:
الله يبارك فيك يا أبويا التاني… يا حبيبي.

قبلها على جبهتها، وابتسم بحنان: يلا بقى، جلال وسامح تحت جابوا آخرهم!

اقترب والد جلال من زاد، وضمها إلى صدره، ثم قبل رأسها وقال بعينين تشعان بالدفء: أنا أسعد من جلال النهارده… أخيرًا اتأكدت إن ابني لقى البنت اللي تغيره. من غيرك يا بنتي، عمره ما كان هيفكر يتجوز.

ضحكت زاد برقة، وقالت: وأنا سعيدة… عشان ربنا عوضني بيك. إنت مش بابا جلال وبس انت بابا ليا انا كمان

ربت على رأسها بحنو:ربنا يسعدكم يا بنتي، ويكتبلكوا أيام كلها فرح.

ثم التفت إلى ميرا، وفتح ذراعيه بحنان أبوي صادق:
ميرا… يا ميرا يا بنتي… ربنا يسعدك.

شعرت ميرا بقلبها يرتجف وهي تقبض على سترته، كأنها تمسك بالحلم الذي طال انتظاره. لأول مرة في حياتها، تتذوق طعم الحنان الأبوي، فتمتمت ودموعها تحفر طريقها على وجنتيها: شكراً… شكراً بجد.

قبل جبهتها، ومد يده ليمسك يدها ويضعها حول ذراعه، ثم تحرك بها برقة، بينما كان حمزة قد مد يده لزاد، ومشى بها نحو الأسفل، نحو بداية فصل جديد من الحكاية…

في الأسفل،
كان جلال وسامح يقفان عند أسفل الدرج، وقلبيهما يخفقان بعنف لا يخفى. نظراتهما معلقة في الأعلى، كأنهما فقدا القدرة على الصبر، كأن الزمن قد أبطأ من نفسه كي يعذبهما أكثر.

اقترب منهما مراد بخطوات هادئة، لكنه لم يخفي ابتسامته الساخرة، وهتف: مالكم؟ محسسيني إنكم أول مرة تشوفوهم!

غمغم سامح وهو يعض على شفتيه بتوتر: ملكش دعوة، يا عم… سيبني ف حالي.

رد جلال بحدة، دون أن يزيح نظره عن الدرج: إنت جربت الوقفة دي يا مراد؟!

هز مراد رأسه نافيا: لا طبعًا… إنت عارف.

لم ينتظر جلال، بل لكزه في كتفه بعصبية خفيفة: يبقى تخرس!

انفجر الثلاثة في ضحكة قصيرة، حاولوا بها التخفيف من وطأة الترقب…
لكن فجأة، خفتت الأضواء، تغيرت الموسيقى، ليبدأ لحن هادئ ينساب في أرجاء القاعة كنبض قلب عاشق.

وتجلت اللحظة…

طلت ميرا أولًا، تمسك بذراع والد جلال، أنيقة ساحرة، كأنها قطعة من الجمال تسير على الأرض…

ثم ظهرت زاد، تمسك بذراع حمزة، والمهابة تسبق خطواتها، وعيناها لا تنظران إلا لوجه واحد ينتظرها هناك.

توقف كل شيء… كأن الزمن أُصيب بالخدر، خمد الصخب، ذاب كل من حولهم، ولم يتبق إلا قلوب تعشق… بنبض يسمعه الجميع.

اقتربت بخطى هادئة، بينما كانت الأعين تلمع، والأنفاس تحتبس، إلى أن وصلا إلى الرجلين اللذين لم يخفيا ذهولهما.

احتضن سامح  نظرات ميرا كأنها كنزه الثمين، كأنه وجد ضالته في عينيها….

أما جلال، فلم يكن يخفي ذلك الانكسار العاشق في عينيه… مد يده إلى زاد وكأنه يطلب روحه التي طالما انتظرها…

تقدموا معًا نحو وسط القاعة، وبدأت الرقصة الأولى…

رقصة لم تكن مجرد تحرك أجساد… بل إعلان انتصار عشق حارب كل شيء… واخيراا انتصر.

وها هو الحلم، بعد أن كان مستحيلًا، واقف أمامهم بلحم ودم.
وسط القاعة، تحت ضوء خافت مائل للذهبي، توقف الزمن اجلالا لذلك العاشق المنتصر …

وكل شيء… اختفى.
الجمهور، الموسيقى، القاعة، الزينة… لم يتبق إلا زاد وجلال.
عاشقان خرجا من الرماد، وأنهكتهما الحرب… والآن، يرقصان على أنقاض كل ألم…

اقترب منها جلال بخطى ثابتة، وفي عينيه ارتعاشة حب مزلزل… عيناه كانتا تطوفان على وجهها كأنهما تحفظانه للمرة الأولى…

وكأنه لا يصدق… أن هذه العروس التي ترتجف أناملها أمامه، هي زاد. فتاته. جنونه. وجعه…

مد يده نحوها… وبكل ما في الأرض من حب، أمسك بها كأنها الحياة ذاتها.

وضعت زاد يدها في يده، ببطء يشبه الخوف، ويشبه النجاة…
كانت تشعر به. بارتجاف أنامله، بحرارة جلده، بنبضه المجنون وهو يلمسها علنا… أمام الناس… بلا خوف… بلا اختباء…

لم يكونا يرقصان… بل كانا ينجوان من الموت….

ضمها إليه ببطء، فاستقرت على صدره كمن عاد لوطنه بعد غربة سنوات…

اختبأت فيه، في عطره، في صدره، في روحه… كأنها لا تصدق، كأنها تخاف أن تفتح عينيها وتكتشف أن كل هذا لم يكن سوى حلم آخر…

همس بصوت مبحوح، يكاد لا يسمعه سواها: فاكرة يوم قولتيلي إن العشق ده مستحيل؟
أنا حلفت لنفسي أخليه حقيقة…حقيقة الناس كلها تشوفه…دلوقتي شوفي…انتي في حضني… قدام الدنيا كلها… ومفيش حاجه خبتنا…

أغمضت زاد عينيها، والدموع تزاحم رمشيها، وهمسة وصوتها يختنق بالعبرة: كنت بعيش على أملك… كنت بنهار كل مره تبعد، وبقوم عشان اللحظة دي…
عشان أكون في حضنك، بعيط من فرح مش من وجع…

شدها إليه أكثر، وكأن المسافة بين جسديهما تقلقه…
كان يريد أن يحفرها داخله… أن يذوب بها، أن يفنى ما تبقى منه فيها.

كل دورة في الرقصة كانت تنهيدة عمر…
كل لمسة من أنامله على ظهرها كانت وعد نجاة…
كل لحظة صمت بينهما كانت حوار طويل عن البكاء، والخسارة، والموت المؤجل… والحياة التي بدأت الآن…

كانت زاد تسمع دقات قلبه، وتشعر بجسده يرتجف…
كانت تشعر بحبه في طريقته التي يضمها بها، في الطريقة التي ينظر بها لعينيها، وكأنه يريد أن يخبرها بأنه لم يكن حيا قبلها.

وهمسة بصوت مرتعش: محدش في الدنيا حب زي ما إحنا حبينا…ومحدش خسر واتوجع وانهزم زي ما إحنا اتوجعنا…بس احنا قمنا… وانتصرنا… ووصلنا.

ابتسم وهو يطبع قبلة خفيفة على جبهتها وقال:
كنتي دايمًا وجعي… ودلوقتي بقيتي دوائي.

واستمرا في الرقص، لكن الحقيقة؟
هما لم يكونا يرقصان… بل كانا يشفي كل منهما بالآخر…
كانت رقصة نجاة… رقصة حب أُنتزع من بين فكي الموت…
رقصة لعاشقين، لم يعرفا الأمان إلا بين ذراعي بعضهما.

تراجعت الأضواء قليلًا، وبدل اللحن نبرته إلى أنغام ناعمة تشبه انزلاق النسيم على ماء ساكن،
وهناك…

في طرف القاعة، اقترب سامح من ميرا… كمن يسير نحو حلمه الغريب.
هو… ابن أرض لا تعرف الصمت،
وهي… ابنة صقيع يقدس الهدوء.

لم يكن يشبهها…
ولم تكن تشبه…
ومع ذلك، وقفا الآن أمام بعضهما، في حضرة حب لا يشبه أحدًا.

مد سامح يده نحوها، وابتسم تلك الابتسامة التي يخفي خلفها ألف قلق…
وكأن في داخله سؤالًا معلقا: لسه متأكدة؟
أمسكت ميرا بيده بهدوء وثقة… نظرت لعينيه بعينيها الملونتين الهادئتين، وقالت دون صوت: أنا هنا…واكيد متاكده !!

اقترب منها، وضمها بخجل لا يشبهه…
فهو الصاحب، الضحوك، المندفع.
لكن معها… صار رجلا آخر.
رجل يمسك بأنثاه كما لو كانت قطعة من بلاده البعيدة… كنز لم يتوقع أن يجده.

بدآ في الرقص… ببطء يشبه الحذر… يشبه الخطوات الأولى في وطن جديد.كانت ميرا تراقبه بعينيها المتسعتين بدهشة…
تتأمل قسماته الشرقية الصارمة، تلك الحنكة المصرية في تفاصيله، والرجولة التي لا تحتاج لتفسير…
وهو كان يغوص في عينيها…
تلك السماء الواسعة التي لم يتخيل يوما أن يسكنها.

اقترب منها أكثر، وهمس بصوت مبحوح:أنا عمري ما حلمت بحاجة حلوة بالشكل ده…
إزاي اتنين من عالمين ميتقابلوش… بقوا هنا؟
قدام الناس… بيرقصوا… وكأنهم عمرهم ما كانوا غير لبعض؟

ابتسمت ميرا، وارتعشت شفتاها بعذوبة، وقالت:
Because love… doesn’t understand bord.

رد ضاحكا وهو ينظر لعينيها: ولا بيفهم في فرق اللغات…
أنا عرفت ده أول ما قلبي فهمك من قبل ما تنطقي.

كانت رقصة صامتة… لكن القلوب كانت تهتف.
تهتف بانتصار الحب على كل شيء:
على المسافات، واللغات، والخوف، والاختلافات…
تهتف بأن العشق، حين يكون صادقا، لا يحتاج لتشابه…
بل فقط يحتاج لقلوب تنوي ألا ترحل….

احتضنها سامح من خصرها، ودارت معه بدفء أذاب ما بينها وبينه…
وفي كل لفة، كانت حواجز تسقط، ومسافات تختفي، وأرواح تقترب أكثر.

لم يكونا يتشابهان في شيء…
لكن قلبيهما اتفقا منذ النظرة الأولى… أن يرقصا رقصة العمر….

انتهت الموسيقى…

انطفأ آخر وتر في النغمة… وتجمدت اللحظة لثانية كأنها أبد.
لم يكن في القلا ضحكات، لا همسات، لا حتى أنفاس.

فقط نظرات مبهورة… دامعة…

زاد كانت لا تزال بين ذراعي جلال، تنظر له بنظرة لم تحملها من قبل، نظرة امرأة وصلت أخيرًا لوطنها…
عينيها تمتلئان بحب قاتل، بحنين استنزف عمرها، بأمان لم تعرفه إلا بين يديه.

أما هو…
فلم يكن ينظر إليها كعروس.
كان ينظر إليها كمعجزة.
معجزة وقعت له بعد ألف حرب… وبعد أن كاد يخسرها للأبد….

وفي الطرف الآخر،
سامح وميرا ما زالا متشابكي الأيدي…
وجوههم لا تنطق، لكن العيون تفضحهم…
ذلك الحب النقي، الغريب، الذي لم يفهمه أحد…
لكنه الآن واضح كالشمس.
وفجأة اقتحم اللحظه مزيجا من تصفيق حار، وصفير، وضحكات، ودموع…
شباب يهللون، نساء يتهامسن، كبار يبتسمون.

لكن وسط كل هذا،
كانت هناك نظرة مشتركة بين العاشقين الأربعة…
نظرة قالت كل شيء:
عدينا… وها إحنا هنا. قدام الكل. حبنا بقى حقيقة مش سر…

اقتربت عنايات وبدريه وهتفت : مبروك يا ولاد أنا كده مش عايزه حاجه تاني بعد ما شوفت بنتي عروسه زي القمر …

ضمتها زاد بفرحه وسعاده وهتفت: الله يبارك فيكي يا امي !!
اقتربت بدريه وضمت جلال وهتف : مبروك يا واد ربنا يسعدكم يا ضنايا !

ربت جلال منكبها وقبلها على راسها وقال: الله يبارك فيكي يا ست الكل ربنا يخليكي لينا
أطلقت بدريه زغروطه بصوت مرتفع وضمت زاد وهتف : مبروك يا قلب امك ..

قبلتها زاد وهتفت: الله يبارك فيكي يا خالتي !!
ضمت عنايات جلال وهتفت : مبروك يا جوز بنتي يا غالي ..
قبلها جلال علي راسها وقال: الله يبارك فيكي يا امي ..
……………………..
علي باب القاعه …

دخل رجل يشبه الإعصار في حضوره، تمهد له الأعين الطريق كما لو كان ملكا غير متوج.
هيبة طاغية تلف كيانه، ووسامة قاتلة تخطف الأنفاس، وخطى واثقة كأن الأرض تخشى أن تُغضبه.

كان طويل القامة، عريض المنكبين، بجسد صلب وصوت أجش يحمل ثقل الرجال.

تقدم صوب زاد وجلال، ونظر حوله بخفة لا تليق إلا بمن اعتاد أن تسبقه سمعته، وما إن رأته زاد حتى نهضت من مقعدها كأنها رأت حلما يتحقق.

اقتربت منه بهفة قلب صادق، وهتفت بفرحة: سلطان! مش مصدقة عنيا! إنت جيت إمتى من السفر؟!

وقبل أن يرد، كان جلال قد تقدم ببطء، ورفع حاجبه في ضيق، وقال بصوت يحمل غيرته الكامنة: نعم يا أختي؟ سلطان مين؟!

ضحك سلطان ضحكة رجولية عميقة وقال: لا يا باشا، أنا وزاد إخوات. متربيين سوا من وإحنا عيال…

لكن جلال لم يقتنع بسهولة، وقطب حاجبيه قائلًا: طيب… وإيه يعني؟ مستاهلة اللهفة دي يا دكتورة؟!

ردت زاد برقة، وهي تلمس ذراعه تطمئنه: حبيبي، ده سلطان الهواري… زي أخويا، وهو اللي رباني بعد بابا الله يرحمه… قبل ما نسيب الجماليه ونسكن ف السيده زينب!

مد سلطان يده لجلال وهو يبتسم: حقك يا باشا تغير عليها… وأنا بيخيش في دماغي الراجل اللي بيغير على اللي يخصه. وأنا كده اطمنت إن أختي معا راجل حامي.

نظر جلال إلى يده، ثم إلى زاد التي أومأت برأسها بخفة، فصافحه أخيرًا.

قال سلطان: ألف مبروك يا باشا… زاد أمانة في رقبتك.

رد جلال بثقة: عارف يا سلطان… متقلقش، رقابتي سدادة…

وفجأة، انطلق صوت أيهم من بعيد، بحماس: سلطان الهواري؟! شقو يا ناس!

اقترب أيهم وضمه سلطان بقوة، وهتف ضاحكًا: حبيبي يا خواجة! وحشتني يا راجل!

لكزه أيهم بخفة وقال: يا أخي بطل الكلمة الزفرة دي! أنا زيي زيك، خواجة منين؟!

ضحك سلطان بصوته الأجش: إنت أعز صحابي، وابن بلد، ورجل جدع… بس فـ عيني خواجة. عشت عمرك كله في أرض بردة، يا دكتاره!!

غمغم أيهم وهو يضحك: بتفكرني ليه؟ الله يحرقك…

اقترب سلطان من زاد، التي كان جلال يحيط خصرها بذراعه، كأنما يعلن ملكيته أمام الجميع، وأخرج من جيبه علبة قطيفة سوداء، ثم مدها لها قائلًا:حاجة بسيطة… يا قلب أخوكي…

نظرت زاد إلى جلال، الذي أشار لها برأسه، فمدت يدها وأخذت الهدية قائلة: تسلم يا سلطان، ميرسي أوي…

فتحت العلبة، لتجد سلسلة من الذهب الأبيض يتدلى منها اسمها بخط أنيق نظرت إليه بدهشة، وقالت: تجنن! حلوة أوي!

ابتسم سلطان وقال: عارفك بتحبي اسمك يا دكتورة. يلا، أنا لازم أمشي، عندي طيارة كمان ساعة.

همسة زاد : تروح وترجع بالسلامة..

رد وهو يصافح جلال وأيهم بود  : الله يسلمك!

ثم لوح لهما، وغادر بخطوات ثابتة، تاركا خلفه نظرات لا تزال تلاحقه حتى اختفاؤه…

وفي جانبٍ آخر من القاعة، اقترب أيهم من وتين، وجذبها من يدها وهمس:تعالي أقولك… وحشتيني…

وضعت يدها على صدره بخجل وهمسة: عيب… الناس يا أيهم.

ضحك بمرح وغمزها بمكر: تعالي بس، محدش واخد باله يا صغنن.

ضحكت بخجل، فاقترب منها أكثر، وسحبها معه إلى خارج القاعة… نحو الحديقة…
…………………………..
علي باب القاعه..

كأن الزمن توقف…
وسكن الهواء في رئتيه احتراما لهيبة لا تكسر، وجلال لا يقارب…
فريد الصياد، ذاك الاسم الذي لا ينطق إلا وتنتفض الأماكن، وتضطرب الأعين….

دلف إلى القاعة كمن يقتحمها… لا صخب في حركته، ولكن صمت الحضور كان أبلغ من أي ضجيج…

قامته المديدة تعلن عن حضور رجل ليس كغيره من الرجال ، خطواته محسوبة لكنها تزلزل الأرض من تحتها.
يرتدي بذلة سوداء قاتمة، تنحت جسده وكأنها صنعت خصيصا ليغدو فيها أميرا فوق عرش لا يشاركه فيه أحد…

كتفاه العريضان، صدره الذي يسبق جسده بثقة ملوك الحرب، عيناه التي تمسح القاعة بنظرة فاحصه لا تبحث… بل تحكم…

ابتسامته الجانبية، تلك السخرية الهادئة التي تربك العقول، وتستفز الغرور.

كانت عهد تسير بجواره… لا، بل يحتضن خصرها كما يحتضن كنز نادر.
يراعي خطواتها بصبر لا يليق بجبروته، يتعامل مع ثقل حملها كما لو كان يحمل قلبه بين ذراعيه…

هي متعبة… هزيلة بعض الشيء من معاناة الحمل، ولكنها متوهجة كبدر يضيء عتمة روحه…

وفي اليد الأخرى، يمسك بكف سيف، ابنه ذو الأربع سنوات، بعزة أبٍ يورث اسمه وسلطانه لامتداده الأول.

ثم حدث ما لا يغتفر في عرف الصياد…

شاب طويل القامة يحاول المرور قرب عهد، دون نية في  مسها ، ولكن بالنسبة لفريد، الاقتراب جريمة لا تغتفر ..

مد ذراعه فجأة، ودفع الشاب في منكبه بحنق ظاهر، وهدر صوته في القاعة كالرعد: إي يا حلتها؟! هي هبت منك؟! مش تفتح؟!

تراجع الشاب بفزع، وهتف متلعثم: أنا ملمستهاش والله!

حاولت عهد التهدئة، وهمسة برجاء: فريد… بلاش ترعب الناس والنبي.

لكنه أعادها إلى الخلف بحذر شديد، وكأنها قطعة ماس نادرة يخشى عليها من الهواء، ثم اقترب على الشاب، وقبض على ياقة قميصه، وزمجر: وأنا هستناك لما تلمسها؟! في نظرت عيني اوسخ من لمسة ايد يا ** امك…

شايفها واقفة ف المكان؟! تبعد عن المكان كله بدائرة عمقها مترين على الأقل، مش تعدي كتفك في كتفها!

شهقت عهد، وقبضت على يد صغيرها وتراجعت بخوف.

في تلك اللحظة، ارتفعت أنظار جلال ومراد نحو مصدر الصوت، وهتف جلال:مارد! تعال نلحق فريد!

اقترب مراد بسرعة، ضاحكا بمرح: الله أكبر! ده بدأ ياكل المعازيم!

توجه جلال نحوه محاولًا تهدئته، وقال: خلاص يا فريد، محصلش حاجة، سيبه…

دفع فريد الشاب بقوة وهدر: غور من وشي… أحسنلك.

تراجع الشاب واصطدم بمراد، الذي ربت على منكبه وقال ساخرا: معلش يا ابني… اتكتبلك عمر جديد! اهرب بسرعة!

هز الشاب رأسه بسرعة، وركض خارج القاعة.

رفع جلال حاجبه وقال: إنت حالتك بقت صعبة يا صياد.

مرر فريد يده على شعره بغيظ وقال: دي ناس عايزة الحرق، يا جدع… والله لولا فرحك، أنا مكنتش خرجتها من السرير…

ضحك مراد وهتف: يخرب بيتك، انت اتجننت؟! هو كل اللي حامل هتنام ليل ونهار في السرير؟! ده كده تتخنق!

نظر له فريد بنظرة حنق جعلت مراد يرفع يده باستسلام.

اقترب من عهد، وضم وجهها بين يديه، صوته خافت لكنه حنون: حبيبي… حقك عليا، بس هو عصبني.

همسة له برجاء: عشان خاطري… بلاش مشاكل.

أومأ برأسه، وعاد ليحاوط خصرها متحدثًا بخضوع العاشق: أمرك… يا عهدي.

اقترب مراد وهو يحمل الصغير سيف بين ذراعيه وقال بمرح: أهلاً بصياد الصغير… اسمك إيه؟

أومأ الصغير برأسه وقال: سيف الصياد…

ضحك مراد بحبور: أسد لأبوك، يلا..

أما عهد، فقد اقتربت من زاد، وضمتها بقوة، صوتها يقطر حبا وصدقا: مبروك يا زاد… تستاهلي الفرح يا قلبي.

ضمتها زاد بسعادة وردت بحرارة:الله يبارك فيكي يا قلبي… ربنا يقومك بالسلامة يا مدلع.

مدت يدها بعلبه قطيفه ناعمه وقالت : حبيبتي حاجه بسيطه اوي !!
فتحت زاد العلبه وجدت بها اسواره بالذهب الأبيض مرصعه بالماس باللون الاحمر بشكل فخم جدا ..

شهقة زاد وغمغمت : تجنن يا قلبي.. ده كده كتير اوي!!

وفجأة… سحب فريد عهد للخلف بحذر بنزق شديد وضمها لصدره وقال بتحفز: كفاية كده يا بلوة! كل ده حضن؟!

ضحكت زاد وهتفت: هتجنن… يا حرام!

ضحك جلال بتهكم وقال: كلنا ف الهوا سوا… يا حياتي.

هز فريد رأسه بغيظ، واصطحب عهد إلى الطاولة وقال:
تعالي اقعدي… كفاية وقفة كده.

أومأت برأسها هامسة:حاضر…

ثم اقترب سامح ومعه ميرا، وهتف سامح بمودة:
حبيبي… اتأخرت ليه؟!

نهض فريد ورد: أنا جيت من شوية.

ضمه سامح وهمس له مازحًا: كنت فين يا عـ**

ضحك سامح بخفة وأكمل: السوستة بتاعة ميرا مكنتش مقفولة كويس!!

لكزه فريد وغمغم بسخرية: كنت بتقفلها ولا بتفتحها؟!

ضحك سامح وقال:إيه عرفك يا دنجوان؟!

غمز له فريد بوقاحة لطيفة وهمس: ده تخصصي… يا ***!!

أما عهد، فقد ضمت ميرا برقة وقالت بود: الفستان يجنن عليكي يا ميرا… ربنا يتمملك بخير يا قلبي.

أومأت ميرا بخجل وهمست: شكرا لك، عهد… إنتي جميلة كتير، عهد.
مدت عهد يده بعلبه قطيفه ناعمه وقالت: هديه ناعمه زيك يا قلبي ..
نظرت ميرا الي سامح وأشار له برأسه.. ومدت يدها وقبلت الهديه وهمسة: شكرا لك عهد ..

ضحك فريد بمرح وقال: لولا غلوتكم أنا مكنتش جبتها نظر الي عهد بعشق  وغمزها بعبث وغمغم : بس اعمل بضعف قدام العيون دي !

ضحك الجميع بمرح وقال سامح : خليها عليك المره دي يا صاحبي ..

……………………….
على باب القاعة،
كأن الأضواء قد خجلت من حضوره، وكأن الأرض تنحت لنفسها طريقًا لتفسح له المجال.

دخل جبران الباشا، ذلك الرجل الذي يمشي وكأن تحته أرض غير التي نعرفها، تطأ خطواته بثقة ملك خلق للسمو، تجاوره ونس، تحيطها ذراعه بامتلاك صريح، لا حياء فيه ولا مواربة، وكأنها مملكته الوحيدة التي لا يقبل بها بديلاً، وملامحه تخبر كل من نظر أن هذه المرأة وطنه وعشقه وهدأته التي لم ينلها إلا بعد حرب عمر.

تألقت ونس بفستان أنيق ووجه لا تخفى عليه ملامح الرضا، بينما تتبعهم جيلان بخطى هادئة، يغلفها سحر الفستان الفضي الذي ارتدته، فبدت كأنها قادمة من إحدى لوحات الزمن الملكي، وخلفهم كانت إحدى العاملات تحمل الطفلة الصغيرة مهرة، ابنة جبران، بعينيها الواسعتين وملامحها التي ورثتها عن شموخه وحنان والدتها.

اقترب طاهر التهامي بخطى يملؤها الشوق، وما إن وقع بصره على جبران حتى انفرجت شفتاه بابتسامة دافئة وهو يضمه إليه قائلاً: حبيبي عاش مين شافك! ليك وحشه والله… من اخر مره ساعة افتتاح فندق شرم مشوفكش تاني !!

ربت جبران على منكبه بلطف، وصوته جاء هادئًا، رخيمًا، يحمل دفء السنوات: وانت والله يا طاهر، الدنيا واخدانا، بس ليك وحشه يا راجل… وبعدين أنا عارف انك ممشي الشغل زي الساعه.. عشان كده مسفرتش شرم تاني ..المهم  ألف مبروك، أخيرا جلال هيتجوز!

ضحك طاهر بسعادة، وهتف وهو ينظر إلى ونس وجيلان: أهلا يا مدام، نورتي الفرح! إزيك يا جيجي؟

قالت ونس بهدوء وابتسامة رقيقة: ده نورك يا باشا…

وردت جيلان بخجل لم تخفه نظراتها الوديعة: ميرسي يا عمو.

هتف طاهر ضاحكًا: أخيرًا يا أخي جلال اتجوز … أنا كنت فقدت الأمل! تعالوا سلموا عليهم..

اقترب ثلاثتهم من حيث يقف جلال وزاد وسط الأجواء المحتفلة، فدار جلال ناحيتهم سريعًا وهتف بترحاب:
أهلا الباشا، منور والله.

ضمه جبران في عناق رجولي صادق، وهمس: أهلا يا بطل… ألف مبروك.

ربت جلال على كتف جبران وقال مبتسمًا: الله يبارك فيك يا باشا… سليم وآدم مجوش معاك ولا إيه؟

هز جبران رأسه وأجاب بفتور يخفي خلفه الكثير:لا… مجوش. ابقى كلمهم يمكن يعقلوا.

قطب جلال حاجبه بدهشة وهمس بخفوت: هو سليم زعل من موضوع الشغل؟

أومأ جبران دون أن يفصح، ثم قال بنبرة حاسمة: سيبك منهم وركز مع عروستك النهاردة.

مد جبران يده إلى زاد وصوته يحمل صلابة نادرة:
مبروك يا عروسة.

أومأت زاد برأسها بأدب ونبرة هادئة غير معهودة فيها:
الله يبارك فيك، شكرًا.

تقدمت ونس بخطوات رقيقة،  وهمس بابتسامة دافئة:مدام ونس… مراتي.

صافحت زاد ونس بحرارة، وقدمت هديه انيقه الي زاد وقالت: مبروك يا عروسة، زي البدر ما شاء الله.

ضحكت زاد وقبلت الهديه وهمسة بامتنان: الله يبارك فيكي يا قلبي،ميرسي اوي .. انتي اللي قمر.

في تلك اللحظة، اقتربت جيلان من جبران وهمسة بهدوء وهي تنظر إليه: بابي… هروح الحمام.

أومأ لها بصمت، فأدارت وجهها وتحركت بخطى هادئة إلى الخارج…

أما هو، فظل قابض على يد ونس كأنها صمام الأمان في هذا العالم، واتجه بها إلى إحدى الطاولات الجانبية وجلسا معا، بينما لم يتوقف الحضور عن مراقبة هيبته التي لا تحتاج إلى كلمات كي تحكى.بعد قليل
ضجت القاعه بصوت الزفه وتمسك سامح بي ميرا التي هتفت بدهشه : سامح !!

نظر له جلال وسحبه بجانبه واشاره له بيده وهتف: لسه بدري يا لا !!

هز رأسه بالنفي ورد: بدري عليك أنت!! انتو غارفيني في العسل من بدري.. أنا جبت اخري !

ضحكوا بصخب وهتف مراد بمرح: احلي حاجه انت يا حليوه شبعان.. عشان كده قاعد براحتك استمتع بالفرح لآخر لحظه !!

ضحك أيهم وهو يضم وتين الي صدره وغمغم : لو هعمل فرح كل يوم هسيبه في أوله واطلع برضو !!
لكزته وتين بخجل وهمسة: وبعدين في لسانك ده ؟!

ضحك فريد بعبث وهو ينظر إلي عهد وغمز لها وغمغم: ياعم بلا فرح بلا قلبت دماغ! احنا بتوع غرف العمليات !!

شهقت وتين وهزت راسها بيأس ..وانصرفت الي طاوله عهد.. وجلست بجانبها وقالت: يخربيتهم ايه قلة الأدب دي ؟؟
ضحكت عهد وهمسة : اساتذه فيها ..أنا بطلت اقف جنب فريد طول ما هو بيتكلم مع أصحابه دول بالذات !

غمز فريد لي ايهم وغمغم بعبث : ولا ايه يا دكتور ؟!
هز أيهم برأسه وغمزه وهتف : بصراحه عجبني اوي الشاليه يا باشا.. بفكر اخد واحد جمبك !!

رفع فريد حاجبه بنزق وهتف: لا يا عـ** بعيد عني ..أنا بحب اكون براحتي.. وصوتي عالي !
ضحك ايهم ورد :وانا كمان !!

ضرب مراد كفا بكف وهتف: وانا اخرص يعني ؟!
ضحك سامح وهتف : أنا طالع وسدو ودانكم!!

ضحكوا بصخب وهتف جلال: سامح ابوس ايدك مش هسيب الفرح ونكمل ف المستشفى علي مهلك هاا
غمز له سامح وغمغم : مش هقدر اوعدك بصراحه !

سحبه فريد وغمغم بعبث : عدي ليلتك يا عـ** وبعد كده أن شاء الله تكولها كلهم الف هنا علي قلبك يا صاحبي  !! خد بالك انت ادها اربع مرات اوع تموتها !!

ضحك سامح بخفه وهمس: متخفش حاضر بس سيبني اطلع يا دنجوان.. وبعدين انت اد المدام خمس مرات واهي لسه عايشه !!

لكزه فريد بخفه وغمزه بوقاحه وغمغم: هنا بقا فرق الخبره يا سمسم.. هسيبك بس اسمع الكلام !!

ضحك بمرح وغمزه وهمس : احاول يا ريس !!
تقدم سامح وحمل ميرا بين أحضانه وتحرك بها الي الخارج وخلفهم الزفه بصخب وفرحه وسعاده …

وصل بها الي غرفه الفندق ودفع الباب ودلف واغلق الباب خلفه انزلها علي الأرض وضمها بحضنه وهمس في أذنها بعبث: اخيرااا.. انتي متخيله أنا مستني اللحظه دي من امتي؟!
هزت راسها وهمسة: أاه …

نظر لها بحنان وقبلها بجانب فمه بعبث وهمس: ااااه ايه بس!  بلاش أاه دي.. خليني ماسك اعصابي !!

لفت ذراعيها حول عنقه وهمسه بأنفاس لاهثة: أنا احبك سامح واحب ممارسة الحب معك !!

تنهد بحراره تفتك به وغمزها بعبث وغمغم: مفيش احلي من الحب فيكي يا ميرا ..أنا عارف انك فاهمه بحكم عيشتك وتعليمك بره.. بس اللي هيحصل ده مش بس ممارسه الحب.. لا ده اندماج روحي ف روحك ..وقلبي وقلبك ..واخر حاجه جسمي بجسمك !

أغمضت عينيها وهمسة: احبك سامح كتير كتير !!

ضمها إليه ورفعها بين ذراعيه وتحرك بها الي غرفه النوم وهي تتمسك به بكل قوتها وهمسة بصوت مثير ناعم: سامح !
انزلها علي الفراش وجلس بجانبها ومسح على راسها سحب حجابها البسيط وغمغم : خايفه يا قلبي ؟؟

هزت راسها بالنفي وردت برقه : لا !! نعم اول مره لي.. لكني أشعر بالأمان بين أحضانك هبيبي !

سحب سحابه الفستان وهو ينظر لها بعشق واقترب منها والتهم شفتيها بجوع شديد ..وسحب الفستان ببطيء ويده تمسح على جسدها بنعومه وهمس: جمالك نعمه يا قلبي !

تنهدت براحه وتراجعت للخلف وهزت راسها بالنفي وبدأ الخوف يتسلل إلي قلبها من نظراته العميقه .. تمسك بها بقوه وحاوط خصرها وتمدد معها وهو يلتهم عنقها بشغف ..حاولت التملص منه وهمسة بصوت مرتجف : سامح هبيبي !

تململت بتوتر وحاولت دفعه قليلا لكنه ..دنا منها واعتلاها بعرض الفراش .. وقبض على يدها وشابك أصابعه مع أصابعها برقه ..وغمغم بصوت متحشرج مشحون بشهوة عارمه : متخفيش!  مش انتي عايزاني وبتحبيني؟!
اومات برأسها بتوتر وهمسة: اه !

نظر لها بحنان وهبط فوقها يمتص عنقها بعنف مغلف بنار حارقه تسري بجسده المشتعل .. عضت شفتها تمنع شهقتها ..وجحظت عينيها وهي تشعر بتصلب رجولته بين ساقيها وهمسة بصوت مثير ناعم: اهدي هبيبي !

احتك بها بقوه وحاوط خصرها يقربها إليه وغمغم بصوت متحشرج: انسي …

التهم شفتيها بعمق ويده تنزع ملابسها بسرعه وهي تنزع ملابسه ..هبط فوقها سحبها اليه وهي تتلوي بين أحضانه وتحاول السيطره على ارتجاف جسدها بنعومه وهمسة بنغج: سامح هبيبـ ..

قطع جملتها وهبط فوقها يمتص لسانه بداخل فمها..
وغرز يده بداخل شعرها بحنان ..جعلها تتململ وتقبض علي ظهره بعنف .. وعالت أنفاسهم.. واهات ميرا ملأت الغرفه.. حتي همس ف أذنها بصوت مبحوح: جاهزه حبيبتي ؟!

اومات برأسها وهمسة بصوت مثير بالكاد مسموع : اااه!!
ضمها بقوه ومسح على شفتيها بشفتيه واخترقها ببطء ناعم .. رفعت راسها وصرخت بالم ملأ أركان الغرفة..

نظر لها بحنان وهمس: معلش! معلش  اتحملي يا قلبي ..
هزت راسها بالنفي ودموعها تنهمر بجانب وجهها وهمسة: ااااه هرام  سامح!!

هز رأسه بالنفي وهمس بعبث : ده الحلال بعينه يا حبيبتي ..
عضت شفتها بالم وهمسة : كفايه عندي موجوع سامح !!
هز رأسه وتمتم بأنفاس لاهثة: هتاخدي عليه بس لحظات اتحملي..

شهقت بالم عندما بدأ يدفع بداخلها بقوه وهمس: ضيق اوي بس فاجر!!
صرخت بالم وحاولت دفعه بوهن : اااااااااه اوووه سامح بتوجع أنا كتير !!

هز رأسه بأنفاس لاهثة ساخنه.. وفرحه عارمه وهو يشعر برجولته يغرق ف دماء عذريتها.. ودفع بداخلها بقوه حتي اختف كل شيء ف الغرفه ..الا اصوات صرخات ميرا المتالمه والمستمتعه ..وزمجرات سامح وزفراته الملتهبه.. وإصتدام جسده بجسدها بعنف وعشق مغلف بالغرام النادر

……………
ف الاسفل

على باب القاعة، ظهر سليم بخطوات متوترة، تتمايل خلفه دمع التي كانت تمسك بذراعه محاولة تهدئة ثورة الغضب المشتعلة على وجهه. ملامحه كانت مشدودة، وعيناه تضجان بالحنق وكأن نارا تسكن داخله توشك على الانفجار.

تمسكت بذراعه أكثر وهمسة برجاء:حبيبي فك بقا، داحنا داخلين فرح، مينفعش كده…

أومأ برأسه على مضض وقال من بين أسنانه: تمام… بس على الله ميجيش الفرح، عشان صحابه كلهم هنا، وأكيد هييجي.

رمقته بذهول، هزت رأسها ببطء، وهمسة بدهشة: أنا مش مصدقة إنك بتتكلم على آدم كده!

أشار برأسه إيجابا، ولفح وجهه سحابة من الحنق ويرد:
وأنا مش مصدق إن آدم يدوس عليا، ويعمل في أختي كده… ومن غير ما يراعي أي حاجة!

تنهدت في ضيق، وهزت رأسها نافية، وغمغمت بنبرة خافتة: حبيبي… هو بيحبها… زي ما كنت إنت بتحبني… وتقرب مني… ولا إيه؟

نظر لها للحظات، عيناه فارغتان من أي ملامح حنان،  وقال ببرود: تعالي يا أختي نبارك للعرسان… وكفاية رغي!!!

اقترب بخطوات ثابتة من جلال وزاد، وصاح بنبرة تجمع بين المزاح والمودة: مبروك يا باشا مصر!

ضحك جلال، ونهض ليضمه في عناق حار، وهتف بحماسة : حبيبي، وحشني يا ابن الباشا، الله يبارك فيك!

سأله وهو يرمقه بنظرة فاحصة: لسه بسأل عنك، الباشا… مالك؟ يا عم آدم جاي معاك؟”

هز سليم رأسه نافيًا، وزفر بضيق واضح، قبل أن ينفجر:
لأ! ومتجبليش سيرته الحيوان ده!

قطب جلال حاجبيه بدهشة، وتمتم باستغراب: إنت اتجننت يا سليم؟ بتقول كده على آدم؟!

أومأ سليم برأسه وأردف بجمود: هحكيلك بعدين… خلينا في الفرح دلوقتي، ألف مبروك يا حبيبي.

ثم التفت إلى زاد، مد يده يصافحها، وهتف: مبروك يا عروسة.

سحب دمع نحوه بتفاخر وهو يقول:مدام دمع… مراتي!

أومأت زاد برأسها بابتسامة ودودة، وقالت:ميرسي، الله يبارك فيك.

صافحتها دمع بود وقدمت هديه انيقه، وباركت لها قائلة:
مبروك يا عروسة.

ابتسمت لها زاد برقة حقيقية، وقالت: الله يبارك فيكي يا قلبي ميرسي اوي !!

ثم تحرك سليم ومعه دمع نحو طاولة جبران وجلس بجانبه وهو يتفحص الحضور، ثم سأل: جيلان جات معاكم؟

أومأ جبران برأسه بصمت، فأجابته ونس بنبرة عابرة:
آه… ورحت الحمام.
………………………..
علي باب القاعه…

لحظات ثقيلة خيمت على القاعة، وصمت غير مرئي شق طريقه بين الضجيج والضحكات.

دلف آدم بخطوات بطيئة غاضبة، وملامحه مشدودة يكسوها الغيظ المكبوت، وكأنه يحمل على كتفيه جبالاً من القهر والحيرة. دار بعينيه في القاعة باحثا، ثم تقدم ناحية جلال بابتسامة حاول أن يغلفها بالمرح وهتف : الحليوه حبيب قلبي، مبروك يا باشا.

انطلقت ضحكة تهكم خفيفة من جلال، ونهض من مقعده واحتضنه بحرارة، ثم قال بسخرية محببة: اتأخرت كده ليه يا هلس؟

أومأ آدم برأسه، بينما عينيه اشتعلتا بالغضب المتخفي خلف قناع هش لكنه بمودة : والله جاي بالعافية… بس انت غالي عندي ومقدرتش مجيش.

قطب جلال حاجبيه بدهشة صامتة، ثم غمغم بريبة:
انتو في إيه معاكم… أنا عايز أفهم.

ربت آدم على منكبه وقال: سيبك من الهري ده وخليك في ليلتك.

ثم التفت إلى زاد ومد يده، قائلاً بنبرة دافئة: مبروك يا عروسة.”

أومأت برأسها برقة: ميرسي، الله يبارك فيك.

أخرج من جيبه علبة قطيفة صغيرة وقدمها لها قائلاً:
هدية بسيطة.

التقطتها زاد برقة، وأجابت بهدوء: ميرسي.

تدخل جلال بفضول مشوب بالقلق: حبيبي، كلك ذوق… بس أنا لازم أعرف مالك؟

أومأ آدم برأسه وقال: هحكيلك والله، بس بعدين… افرح دلوقتي.

هزّ جلال رأسه بتفهم، والتفت ادم باحثا بعينيه وهتف : امال سامح فين ؟!
ضحك جلال وهتف: طلع مش قادر يصبر الفرح يخلص …
ضحك آدم وهتف بخبث: الله يعينه ..وعقبالي !!

أخرج هديه انيقه وهتف : معلش ابقي وصله دي يا حبيبي !!
اوما جلال برأسه والتقط العلبه واعطاها لي زاد وغمغم : لديها لي ميرا يا قلبي!!
اومات برأسها وقالت: حاضر !!

ربت آدم علي منكب جلال ..ثم تركه وتحرك نحو طاولة فريد، وعلى وجهه بقايا ابتسامة لم تصمد أمام الأسى وهتف : عمي وعم عيالي… وحشني يا قائد…

رفع فريد حاجبه ونهض، واحتضنه بقوة كأنه يحاول نزع ذلك الحزن المتجذر فيه، ثم قال بنبرة عتاب رقيق:
إيه يا لا… اتأخرت ليه؟ مش قلتلك المدام تعبانة ومش عايز أتأخّر عشان تروح ترتاح؟

ربت آدم على منكبه وهمس بأسى: حقك عليا… دماغي مش فيا، معلش.

نظر فريد في عينيه، فرأى ما فاض عن الكلمات… الكسر، والحزن، والأسئلة المعلقة، فتبدلت نبرته: تعالى… عايزك.

اقترب فريد من عهد وقبلها علي وجنتها وهمس بحنو :
عهدي هتكلم مع آدم علي جمب بس عيني عليكي لو اي حاجه شوريلي يا بعد عمري!!
اومات برأسها وهمسة: متخفش يا حبيبي انا كويسه والله…
اوما برأسه وقبلها علي راسها وابتعد به عن الطاولة قليلًا، وهمس بجدية: في إيه؟ مالك؟

أشار آدم برأسه نحو سليم الجالس على إحدى الطاولات وقال بصوت متحشرج: اتخنقت مع سليم.

قطب فريد حاجبه بدهشة: ليه؟ عشان سيبت الشغل؟

هز آدم رأسه نافيًا، ثم قال بنكسار : لأ… عشان عرف بموضوعي أنا وجيلان.

أومأ فريد برأسه بتفهم:آه… هو مكنش يعرف إنك بتحبها وبتعمل كل ده عشانها؟

مط آدم شفتيه بحنق، وتمتم: لا، مكنش يعرف… وحاولت ألمح ليه، بس مفهمش. بس أبوها كان عارف، وشبه طلبتها منه وقالي: اصبر، تكبر شوية.

قطب فريد حاجبه من جديد وسأله: ليه؟ هي عندها كام سنة؟

أشار آدم نحو الباب، حيث كانت جيلان تدخل بخطوات خجولة، وهمس: أهي… عندها تمنتاشر سنة…

نظر فريد إليها وهز رأسه بتأمل، ثم تمتم: هي صغيرة… بس يعني ممكن تتخطبوا سنة كده. أنا اتجوزت مراتي وهي أكبر منها بسنة…

هز آدم رأسه ببطء، وقال بمرارة: أنا لما طلبتها كانت في ثانوي… وقتها أبوها قالي اصبر شوية. بس دلوقتي هي في أولى جامعة.

ربت فريد على منكبيه بمودة وهمس: متشلش هم، يا لا… بعد فرح جلال، أنا هاجي معاك ونشوف حل.

على الجانب الآخر من القاعة
كانت الأضواء تنعكس على الوجوه المتلألئة، والضحكات تتطاير في الجو كأنها زخات نور. التفت سليم فجأة، وقد لمح وجها مألوفا وسط الزحام. ارتسمت على وجهه ابتسامة اندهاش ممزوجة بالشوق، ثم نهض من مكانه بخفة وتوجه إلى ذلك الرجل الذي بدا عليه الوقار والهدوء رغم الصخب حوله.

هتف بحماس : هيثم العمري! مش مصدق نفسي!

ضحك هيثم بحرارة، ووضع كوبه على الطاولة ثم بادر باحتضان سليم : ابن الباشا! والله ما مصدق، وحشتني أوي يا سليم.

ربت سليم على منكبه بود، وقال: جيت من السفر إمتى؟

أومأ هيثم برأسه وقال:  من شهرين.

قطب سليم حاجبيه بدهشة وضربه على كتفه بخفة: شهرين ومشوفش وشك يا ابن الـ…

قهقه هيثم وقال معتذرًا: والله انشغلت في الشركة الجديدة، ومطحون لوحدي.

في تلك اللحظة، التفت سليم ونظر ناحية القاعة، ليقع بصره على جيلان وهي تدخل بخطى مترددة. نظر إليها بشيء من الفخر والإعجاب، ثم أشار إليها لهيثم وقال:
تعال أعرفك بقمر عيلة الباشا…

لكن تلك الإشارة لم تمر مرور الكرام…
آدم، الذي كان يقف غير بعيد، تجمد في مكانه، وكأن الزمن توقف للحظة…. عيناه اشتعلتا بنيران الغيرة، وكل ذرة في جسده ارتجفت من الغضب المكتوم. كانت أنظاره مصوبة نحو جيلان، ثم نحو سليم، وكأنهما أعداء يهددان أمن قلبه…

كان فريد إلى جانبه، يراقب كل شيء، وعندما لاحظ توتر آدم، غمغم بدهشة وهو يرفع حاجبه بحدة: يا ابن الـ…

لكن آدم لم يمهله، إذ هدر بصوت منخفض، يقطر بغضا وغيرة: شايف بيغيظني إزاي؟

لكزه فريد بقوة على ذراعه، وهمس بحدة جنونية: اخطفها يالا، وخليهم يبوسوا إيدك عشان تتجوزها!

رفع آدم حاجبه، وتمتم بانفعال مشوب بالألم: ياريت ينفع… بس جيلان متهونش عليا.

أطلق فريد صوتا ممتعضا، وقال بإصرار مجنون :  أخخخ… دي هتبقى أسعد لحظة في حياتها يا غبي…

هز آدم رأسه وكأنه يقنع نفسه: أنا عارف… بس مش كده… ولا أقولك؟ أنا بعمل لمصلحتها…

ربت فريد على كتفيه، وعيناه تلتمعان بشر لا يخفى، وتمتم: خليك مسيطر، يالا… وخد حبيبتك من فك الأسد، مش بس أبوها وأخوها.

ابتسم آدم بخفة، وكأن الفكرة بدأت تنضج في عقله… ثم همس : طب… اتفرج على تلميذك.

ثم تحرك بخطوات ثابتة، لكن مفعمة بالنار التي تشتعل داخله. عينه لا تفارق جيلان التي كانت تسير بين الطاولات بخفة كفراشة لا تدري أن النار خلفها تقترب. وفريد، كمن يشاهد فيلما ناريا، كان يرقب كل حركة، وعيناه تلتمعان بعبث وسعادة شيطانية…

شهقت جيلان فجأة عندما أحاط خصرها كف قاس وجذبها بعنف خاطف نحو الخارج، سحبها آدم إلى الحديقة كالعاصفة، ثم دفعها بعنف إلى جذع شجرة كبيرة، نظر إليها كذئب جائع وكأن الغضب يشتعل في عينيه نارا لا تطفأ، وهتف من بين أسنانه بصوت غاضبٍ متهدج:زإيه اللي لابساه ده يا بنت الباشا؟! ولا خلاص… فاكراني هحلك؟!

جحظت عيناها رعبا، وكأنها لم تره منذ دهر. ارتجفت شفتاها وهي تهمس ببكاء مكبوت: آدم… كنت فين من امبارح؟ حرام عليك… كنت هتجنن عليك!

قبض آدم على وجنتيها بقسوة، وانحنى أمامها يزمجر بفحيح:آه… عشان كده كنتي واقفه مع الخو* اللي جوه ده؟! وأخوكي بيغيظني؟ فاكرني هعديها؟ أحا! ده بعده… ده أنا يا قاتل يا مقتول، يا جيلان!

أمسكت يده بدموع معلقة على جفنيها، وهمسة بألم:
آدم… براحه، بتوجعني أوي… أنا ماعملتش حاجه، وسبتهم ومشيت!

شدها إليه أكثر، ضغط على خصرها بقوة وكأنه يريد أن يذيبها فيه، ثم غمغم بصوت مبحوح من الغضب والعشق المقهور: لو كنتي عملتي غير كده، كنت قلبت الفرح على دماغك انتي وأخوكي!

ربتت على صدره برقة، وهمست بدهشة دامعة: آدم… حبيبي، إهدى… أنا بحبك أوي… ومستحيل أتجوز غيرك، مقدرش أعيش من غيرك، والله!

اقترب منها أكثر، طبع قبلة دافئة على وجنتها، وهمس بعشق حارق: بجد يا قلبي؟! وحشتيني أوي يا چيچي…

لفت ذراعيها حول عنقه كالغريق، تتنفسه بأنفاس متقطعة، كأنها لا تصدق أنه أمامها، وقالت:بجد يا روحي… انت عارف إني بحبك أوي… وحشتني أوي يا حبيبي…

ابتعد عنها خطوة، وصاح بنزق: عاجبك اللي عمله سليم ده؟! أنا والله سكتله عشانك!

هزت رأسها بالنفي، وقالت بدموع:لا يا آدم… انتو أصحاب من زمان، قبل كل ده!

أشار إليها بيده، وصوته يزداد اختناقًا:ماقلتش حاجه، بس ده عايز يحرمني منك… من حبك… من حضنك… وأنا مقدرش أعيش من غيرك يا جيلان… أنا بعشقك!

مسحت على وجنته وهمسة: وأنا بحبك أوي… ومقدرش أعيش من غيرك… ولا أكون لغيرك، طبعا!

زفر من أنفه صوتًا غاضبًا، وصاح بجنون: تكوني لغيري؟! انتي واعية لنفسك؟! ده أنا كنت أذبحك!

حدق بها من أسفل لأعلى، ثم اقترب منها بنبرة أقرب إلى الوسوسة: أقولك… أحسن حاجة، سبيلي نفسك… وأنا هخلي أبوكي وأخوكي يترجونا نتجوز!

شهقت بخجل، ودفعته من أمامها وانزلقت بين يديه وهي تهتف:انت مجنون أكيد!  يا قليل الأدب!

عض شفته بعبث، ثم سحبها إليه مجددًا، وضمها بين ذراعيه، وهمس: يا بت اسمعي كلامي… هتموتي في قلة أدبي… بس اديني فرصة!

ضحكت برقة، وهي تحاول التملص من ذراعيه، وصاحت:
آدم… لالااا… بس أوع! يا وقح!”

مرر يده على ظهرها، وهمس في أذنها بنبرة مشتعلة:
أوع إزاي؟! ده جسمك بيقول غير كده… داحنا هنبدع مع بعض في السرير يا أميرتي…

صرخت بخجل مشوب بالدهشة، وهتفت: يا آدم! بس يا منحرف! حد يشوفني!

ضمها إليه بحميمية أكثر، وصوته يهمس بوقاحة عاشقة:
أحسن! عشان يجوزونا يا بت!

شهقت فجأة على صوت زأر من خلفهم، صوت يحمل الغضب والحماية معًا:ويا حيوان! إيه اللي بتعمله في أختي ده؟!

شهقت جيلان برعب، وضعت يدها على فمها، بينما سحبها آدم خلفه، وواجه سليم بصدر عارم بالتحدي، وهتف: أختك هتبقى مراتي يا سليم!

اقترب سليم، وقبض على ياقة آدم بعنف، وزأر: عشم إبليس في الجنة يا آدم! تمن خيانتك ليا… إنك تتحرم منها!

ثم لم يمهله لحظة، وجه له لكمة قوية اخترقت وجهه كالسكين، ارتد آدم خطوتين إلى الوراء، وصرخت جيلان من الرعب: لأ! يا سليم… عشان خاطري!

دفعها آدم خلفه بخفة، وعاد بخطى غاضبة نحو سليم، وهتف بصوت مبحوح بالغضب: انت اللي جبته لنفسك… قابل يا صاحبي!

ثم وجه له لكمة أقوى، أطاحت بسليم أرضًا، وهدر بصوت يعلو: أنت أكبر أناني يا سليم! وعلى جثتي أو حثتك… أنا هتجوز جيلان!

اندفعت جيلان بينهما، أمسكت بآدم تتوسله: آدم… لأ… ده أخويا وصاحبك!

نهض سليم، ودفع آدم بعيدًا، ثم جذب جيلان خلفه وحماها بجسده، وهتف كالنار: لو قربت منها تاني… هقتلك! انت فاهم؟!

حاول آدم التقدم، لكن جيلان أشارت له بدموع منهمرة، تتوسله بعينيها ألا يكمل، ثم أدار سليم ظهره، وسحب أخته عائدًا إلى القاعة.

وقف آدم يتنفس بصعوبة، يمرر يده بين شعره بعنف، ثم زمجر من بين أسنانه: والله… ما هحلك النهارده!

ثم ركض خلفهم، كـ مجنون.. كمن يلحق بروحه قبل أن تضيع.

هرول الجميع إلى الداخل، تتسارع خطاهم كأنها تلاحق غضب قد انفجر، واقترب آدم من سليم، يزأر بصوته المتقد: بقولك إيه، من الآخر كده… إنت عايز إيه؟ وبتعمل كل ده ليه؟

رمقه سليم بنظرة مشتعلة بالحقد، ثم تمتم بكلمات مشحونة بالغضب:  أنا مش عايزك لأختي، يا أخي… أنا عارف بلاويك، وعايزلها حد محترم!

تقدّم مراد فجأة، وسحب جيلان من خلف سليم كمن يقتلعها من الجحيم، ثم دفع بها نحو آدم وهتف بحدة: في إيه يا باشا؟ هتلاقي زي الجدع ده فين؟ مش فاهم!

صرخ سليم وهو يرتجف من الغيظ:  يا ناس! دي أختي! أنا حر!

وفي تلك اللحظة، اقترب أيهم، وقد شاهد كل ما جرى في الحديقة، فهتف بحدة لم تخلو من العقل:  أختك يعني إيه تحرمها من حبيبها؟ عشان هي أختك؟ إيه الجنان ده؟

أومأ سليم برأسه وأجاب بثقة جريحة: آه… لما يكون حبيبها عيل ناقص، ما بيصونش حرمة صاحبه… يبقى ما ينفعش!

انفجر آدم وهو يدفعه بغضب، هاتفًا بحدة:  بقولك إيه! أنا بخاف عليها أكتر من نفسي ومنك شخصيًّا، فمتهريش وخلاص، عشان أنا مش هسيبها… لو اْطربقت السما على الأرض حتة حتة!

ضحك سليم بتهكم، ثم قال باحتقار: وأنا مش هسيبك تتجوز أختي… لو شفت حلمة ودنك!

ثارت أعصاب آدم، فانقض عليه بجنون، وقبض على سترته، صارخا:ز يبقى هاقتلك يا سليم!

اندفع جلال في تلك اللحظة، يصرخ بغضب وهو يفصل بينهما: في إيه يا ابني إنت وهو؟! إنتو أصحاب عمر! ما فيش الكلام ده بينكم!

صرخ سليم وهو يحدق في آدم كأنه يراه للمرة الأولى: هو صاحب عمري… يمشي مع أختي من ورايا؟! أنا كنت بثق فيه أكتر من نفسي يا جلال!

صاح آدم، وهو يتنفس كأن صدره يشتعل:  بحبها يا جلال! أعمل إيه؟! كنت مستني تكبر… ضعفت ماشي… بس عمري ما فكرت فيها غير مراتي، وربنا شاهد! بص من الآخر… أنا هاخدها غصب عنك… وعن أبوك!

وفجأة… انشق صوته كالسيف القاطع في سكون الصالة:
خلصتوا قلة ادب؟

التفتت الأنظار جميعها نحو مصدر الصوت، ليروا جبران الباشا، شامخًا بطوله الفارع، وهيبته التي لا تنكر.
ساد الصمت كأنه صاعقه وقعت من السماء ، ولم يجرؤ أحد على النطق.

اقتربت ونس منه بهدوء، ربتت على منكبه وهمسة بخوف: حبيبي… بالراحة، عشان جيلان.

أومأ برأسه، ولكن عينيه كانتا تشتعلان غضبًا، ثم صاح بنبرة ممزوجة بالقهر:سبتوا إيه للشاورعية… يا محترمين؟!

ثم التفت فجأة نحو جيلان، المنكمشة خلف آدم، وهتف بصرامة تقطع الهواء: جيلان… تعالي هنا!

تحركت جيلان بخطى مترددة مرتعشة، لكنها تجمدت فجأة، عندما أطبقت يد قوية على رسغها، وصوت حاد كالشفرة يقطع سكون اللحظة:  استني هنا!… انتي مش بتحبي الواد ده؟

نظرت إليه جيلان بعينين مشدوهتين من شدة الهيبة التي فرضها حضوره، ووسامته الخانقه الأنفاس ..
وأومأت برأسها بإيجاب مدهوش، فشدها فريد من رسغها للوراء وهو يهتف بصرامة: يبقى ارجعي يا أُختي.

تقدمت عهد بخطى قلقة،وأمسكت بذراعه وهمسة برجاء: حبيبي… ده باباها، ما ينفعش كده.

نظر إليها فريد بدهشة، رفع حاجبه بحدة، ثم قال بنفاد صبر:حصلنا الرعب! إيه يعني؟!

ثم التفت نحو سليم وجبران، وحدق فيهما بنظرات مشتعلة وهتف: في إيه يا بشوات؟ بتبيعوا وتشتروا فيهم ليه؟! هو بيحبها، وهي بتحبه… فين المشكلة؟!

تقدم جبران نحوهم، وقال بصوت قاطع كالسكين:  المشكلة عندنا… وإحنا اللي نحلها. مافيش داعي نبوظ فرح الراجل !!

هز فريد رأسه، وابتسم بسخرية على جانب فمه، ثم قال بصوت ثابت: آدم تِلميذي، وزي أخويا الصغير… واللي يخصه يخصني. مش كده يا آدم؟

أومأ آدم سريعًا وهتف بثقة: أكيد يا قائد.

رفع فريد حاجبه وقال بصوت ملئ بالتحدي: أنا عايز سبب واحد يخليكوا تحرموهم من بعض!!

سحب فريد يد جيلان برفق، ثم دفعها نحو والدها وهتف بحسم : بنتك اهي يا باشا، بس إحنا هناخدها برضاك، عشان عريسنا ما يتعيبش، راجل بجد ويستاهلها… ومش هيسيبها لغيره…

نظر إليه جبران ببرود قاتل، وأشار برأسه وقال بنبرة جامدة: إنت اللي قلتها… برضايا. وأنا لحد دلوقتي مش راضي عن اللي عمله آدم. يعني الموضوع منتهي.

هز فريد رأسه، وابتسم بعبث على جانب فمه، وقال بثقه يغلفها البرود : لا، ده كده الموضوع لسه بادئ يا باشا… وأنا مش مسؤول عن اللي هيحصل. تلميذي، وأنا عارفه، مش هيسيبها… ولو على موته…

تقدّم آدم وخطا خطوة نحوهم، ثم هتف بحسم: هو كده يا باشا… أنا بحبها، ومستحيل أسيبها.

فتح جبران فمه مستعدًا للرد، لكن صوت صراخ مفاجئ قطعه:  الحقني يا باشا! مش لاقية مهرة! سبتها دقيقة أجيب لها الببرونة… لقيتها اختفت!

صرخت ونس برعب، وشحب وجهها : بنتي يا جبران… مهرة!

قبض جبران على رسغ الداده وهدر بغضب:  إزاي تسيبيها؟! إنتي اتجننتي؟!

سادت حالة من الهلع، وارتبك الجميع، فأشار فريد بسرعة إلى جلال ومراد وآدم وهتف بأمر حاد:  اقلبوا المكان بسرعة! البنت لازم تظهر في ثواني!

انطلق الثلاثة في اتجاهات مختلفة، وأمسكت ونس بـ جبران وهي تنتحب: عايزة مهرة يا جبران… عايزة بنتي!

تمسك بها جبران وهتف: اهدي، هاقلب الدنيا وهرجعها ليكي، بس اهدي!

ركض جبران وسليم يبحثان في كل الاتجاهات، بينما اقتربت دمع وربتت على ظهر ونس وهي تهمس بدموع:
اهدي يا حبيبتي… هيلقوها إن شاء الله. دي فرحانة من ساعة ما تعلمت تمشي، أكيد اتحركت كده ولا كده.

نظرت عهد حولها بتوتر، وهمسة: يا نهار اسود… سيف!

استدار فريد ينظر حوله بدهشة وهتف : هو كمان؟!

أمسكت عهد بذراعه وهي تنتحب: سيف… سيف يا فريد مش موجود!

ربت على رأسها وساعدها على الجلوس وهتف: اهدي ومتخافيش يا عهد…

صرخت باكية ودموعها تنهمر: ابني… أنا عايزة ابني!

ربت على وجنتها وقال بحسم: هرجعه لحضنك… متخافيش.

ثم ركض خارج القاعة وهتف: سيييييف! إنت فين يا بابا؟!

اقتربت زاد ووتين من عهد، وضمتاها بقوة، وقالت زاد:
اهدي يا عهد… إنتي حامل، ومينفعش كده.

ربتت وتين على يدها وقالت بحنو: المكان أمان، وإن شاء الله فريد هيرجع بيه.

وضعت عهد يدها على صدرها وهي تحاول التنفس، وهمسة بنشيج:  يارب… يارب!

خارج القاعة:

توقف مراد وجلال بدهشة أمام المشهد الغريب:

سيف يضع مهرة فوقالأرجوحة ويدفعها بهدوء، وهي تضحك بمرح!

رمش مراد بعينيه غير مصدق، وتمتم:  وأنا هستنى إيه من ابن فريد؟! بيشقط البت!

ضحك جلال بسخرية: صياد ابن صياد !… رن على فريد ، عهد هتروح فيها من الرعب.

أخرج مراد هاتفه واتصل بـ فريد: ابنك بيشقط يا دنچوان!

غمغم فريد بيأس: بيعمل إيه؟!

ضحك مراد:  لو الباشا جنبك، قوله تعالى يلحق بنته التانية.

ضحك فريد بعبث:  يا راجل… أما جيلك!

ثم أشار نحو جبران وهتف : لقيناهم يا باشا.

اندفع جبران بسرعة نحوهم، وبمجرد أن رأى مهرة على الأرجوحة، سحبها من يد سيف وهتف بغضب: إيه ده يا ولد؟! إزاي تعمل كده؟! لو وقعت كان هيحصل إيه؟!

قطب فريد حاجبيه عندما ركض سيف ليختبئ خلف ساقه وهو ينتحب بخفوت. حمله فريد بحنان ثم نظر إلى جبران بعيون تتشتعل : بتزعق للولد ليه؟! إيه حصل؟!

اقترب جبران، وعيناه تشتعلان بالغضب: خد البنت وركبها على المرجيحة! لو وقعت… كان يبقى إيه الحل؟!

توهجت عينا فريد بنار جامحة، وصاح بانفعال: وربنا ستر ولقيناهم بخير… إيه لازمة الشخط في الولد؟! انت فاكر نفسه مين عشان تخوفه كده؟!

تدخل جلال ومراد لمحاولة التهدئة، وهتف جلال: خلاص يا فريد… الباشا كان خايف على بنته.

لكن فريد لم يهدأ، بل زاد غليانه وصاح بغضب: وأنا كمان من حقي أخاف على ابني!… هي بنته أغلى من ابني ولا إيه؟!

صرخ جبران بلهيب الغضب: بقلك إيه… ابنك هو اللي غلطان! يقرب من بنتي ليه؟!

أمسك سليم بذراع جبران يحاول تهدئته: خلاص يا باشا… دول أطفال، هو فيه إيه؟!

اقتربت ونس وعهد، تحاول كل منهما تهدئة زوجها. ربتت عهد على وجنة فريد وقالت:خلاص… كفاية، يلا نروح.

لكن فريد تمسك بها وهتف بعاصفة غضب: ده شخط في الولد! خشبه يا عهد!… ده أنا أبوه! عمري ما عملتها!

صرخت ونس برجاء: عشان خاطري كفاية كده… بوظنا فرح الناس يا جبران! العيال كويسين، كفاية والنبي.

هز جبران رأسه بحنق: ولو كانت وقعت من المرجيحة؟! كان هيبقى إيه الحال؟!

صاح فريد والشرر يتطاير من عينيه: احااااا… لم بنتك يا باشا طالما خايف عليها كده!!
ذم جبران فمه بغضب وفتح فمه لكن ..فجأة وضعت عهد يدها على فم فريد، ويدها الأخرى على بطنها، ثم صرخت بألم:فريد… كفاية! أنا تعبانة!

نظر إليها فريد بذهول ممزوج بالرعب، وانزل سيف ثم حملها بين ذراعيه وركض بها وسط ذهول الجميع.

سحبت ونس جبران من ذراعه وهتفت: كفاية… مراته تعبت! يلا نمشي. كفاية.
انصرف الجميع كلا من جهه وبقي أيهم، وتين، جلال، زاد، مراد، وآدم، يضحكون بمرح على ما حدث.

ضم جلال زاد بين ذراعيه وهمس: أنا بقول كفاية كده… الفرح كان أسطوري يا زاد حياتي.

ضحكت زاد: ده فرحنا… لازم يكون غير متوقع يا حبيبي.

ضحك وتحرك بها إلى غرفتهم.

سحب أيهم يد وتين وهتف : يلا يا قلب أيهم… نروح بيتنا.

أومأت له وهمسة: يلا يا روحي.

رفع مراد حاجبه بنظرة عبث، وقال لـ آدم: مافضلش غيرنا يا صاحبي.

رد آدم وهو يضع يده في جيبه: وبعد اللي حصل النهاردة… ما أظنش إني هتجوز جيلان في سنتي السودة دي.

ضحك مراد: ولا في السنين الجاية يا حبيبي… الدنجوان دشمل العلاقات النهاردة!

ضحك آدم، وعض شفته بغيظ ساخر: على رأيك… بس بصراحة؟ عجبني أوي!

ضحك مراد: طيب يلا نمشي… الفجر هيأذن علينا.

أومأ آدم برأسه، وتحرك معه، وكل منهما يضحك على فوضى حياته المجنونة.

تم بحمد الله تعالى وتوفيقه
الي اللقاء ❤️✋

ساحره القلم ساره احمد

4.5 2 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments